24/7 HOTLINE +961 3 387955

Online Commercial Representation

Dr Charbel Kareh / Arabic
sport

الإشكاليات القانونية للتمثيل التجاري على شبكة الإنترنت

 

بقلم المحامي د. شربل وجدي القارح

 

1.      يتضمّن المرسوم الإشتراعي رقم 34/67 الخاص بالتمثيل التجاري، العديد من الشروط والضوابط القانونية الواجب على الممثّل التجاري التقيّد بها بغية تسجيل عقده. لكن مع دخولنا عصر العولمة، وانفتاح الأسواق بعضها على البعض، وإنتشار التجارة الخدماتية وإعتمادها بشكل اساسي على ثورة المعلومات والتكنولوجيا، اصبحت الضوابط القانونية المفروضة على الوكيل التجاري، التي تتميّز بالإنغراس الجغرافي المكاني، مقيّدة للتطوّر الإقتصادي بشكل عام وللتجارة الإلكترونية بشكل خاص.

 

 

اولاً: إشكالية محل إقامة الممثل التجاري ومحل ممارسته لتجارته

 

2.      تحدد المادة الأولى من المرسوم الإشتراعي رقم 34/67، الممثل التجاري الوكيل الذي يقوم بحكم مهنته الإعتيادية المستقلة بالمفاوضة لإتمام عمليات البيع والشراء او التأجير او تقديم الخدمات ويقوم عند الإقتضاء بهذه الأعمال باسم المنتجين او التجار ولحسابهم. وتضيف المادة المذكورة انه يجب ان يكون الممثّل التجاري لبنانياً، وان يكون له محل تجاري في لبنان. من قراءة هذا النص، يتبيّن ان صياغة شرط محل الإقامة لم تكن موفّقة. فالمرسوم الإشتراعي قد فرض على الممثل التجاري ان يتّخذ محل اقامة في لبنان لكنه لم يأتِ على سبيل الحصر ولم يقيّد نشاطه التجاري ضمن الأراضي اللبنانية، ولم يمنعه من ممارسة الأعمال التجارية عبر شبكة الإنترنت، التي تتجاوز الحدود الجغرافية اللبنانية.

 

3.      ان شرط ان يكون للممثل التجاري محل تجاري في لبنان لا يمنع من ان يكون له محل تجاري خارج لبنان ايضاً، طالما ان عقده يسمح له بذلك. ففي حال تمكّن الممثل التجاري من الإستحصال على شروط تعاقدية تسمح له التمثيل التجاري دون حصرية مكانية، فالقانون اللبناني لا يقيّده لجهة القيام بأعمال تجارية دولية.

 

4.      على شبكة الإنترنت، يمكن ان يقوم الممثل التجاري بممارسة اعمال البيع او توريد الخدمات بواسطة الشبكة لزبائن متواجدين خارج لبنان. او حتى يقوم بعمليات تجارية تتم بكاملها على الشبكة كعملية بيع برامجاً او مواداً معلوماتية او خدماتية عبر الشبكة حيث يتم الدفع والتسليم عبر الشبكة. في هذه الحالات، يستحيل حصر نشاط الممثل التجاري في مكان جغرافي محدد، اذ ان مفهوم شبكة الإنترنت، قلبت المفاهيم الكلاسيكية رأساً على عقب. في الواقع، ان اغلبية عقود التمثيل التجاري التي تعطى اليوم على بضائع لامادية معلوماتية من اجل تسويقها على شبكة الإنترنت، تعطى دون حصرية او انغراس جغرافي معيّنين، وهذه هي التجارة الإلكترونية المعولمة بمفهومها الحديث. فيكفي ان يتأكد صاحب الحقوق على الماركة العالمية من توافر بعض الشروط الخاصة الجوهرية في الممثل التجاري لكي يمنحه حق تسويق ماركته على الشبكة، لكن غالباً ما تكون محددة زمنياً.

 

5.      اما بالنسبة لشرط لبنانية الممثّل التجاري سواء اكان شخصاً طبيعياً او معنوياً، فهو يدل على عدم تجانس قانوني بين شرط الجنسية اللبنانية للمثّل التجاري من جهة، وبين عدم فرض حصرية محل الإقامة اللبنانية من جهة اخرى. ما يمكن استخلاصه، انه يمكن لممثل تجاري لبناني ان يحصل على عقد توكيل حصري بماركات بضائع او خدمات عالمية، غير مقيّد لنشاطه الجغرافي، ويقوم بالتالي بممارسة عمليات البيع على شبكة الإنترنت. لكن عدم دقة القانون اللبناني، يجد غطاءً له في الشروط التعاقدية وفي طبيعة وعادات عقود التمثيل التجاري: في الواقع، لا يعطى التوكيل الحصري الا بحدود مكانية ولمدة زمنية. لكن كما اسلفنا، ان مفهوم التجارة الكترونية المفتوحة على العالم، لم تعد تعتمد على المفهوم التقليدي للإنغراس الجغرافي، فهدف صاحب حقوق الملكية تسويق بضاعته وبيعها لأكبر عدد ممكن سواء اكان ذلك مباشرة عبره او عبر آلاف الممثلين التجاريين طالما لا يملك اياً منهم حصرية البيع على الشبكة.

 

 

                     

 

مصوّر متوافر عبر الشبكة[1]

 

 

 

ثانياً: إشكالية اختصاص محاكم محل ممارسة الممثل التجاري تجارته

 

6.      ان المرسوم الإشتراعي رقم 34/67، لم يحدد ممارسة الممثل التجاري لتجارته حصرياً ضمن الأراضي اللبنانية، لكن فرض عليه ان يكون لبنانياً وان يكون له محل اقامة غير حصري في لبنان. اذاً، يكون قد اجاز له ضمناً ممارسة تجارته خارج لبنان ايضاً، وفقاً لحدود عقد تمثيله التجاري. ولتعقيد المسألة اكثر، جاءت المادة الخامسة من المرسوم المذكور، لتنص على انه بالرغم من كل اتفاق مخالف، تعتبر محاكم المحل الذي يمارس فيه الممثل التجاري نشاطه صالحة للنظر في النزاعات الناشئة عن عقد التمثيل التجاري. واضح من هذا النص ان المشرع اللبناني لم يفطن لأي تطور معلوماتي يمكن ان يحصل. فطالما انه لم يحدد مكاناً حصرياً لممارسة النشاط او حصرية محل الإقامة اللبنانية، فيكون بالتالي تطبيق شرط صلاحية المحاكم المكانية مهتزاً ايضاً ومرتكزاً على احتمالات عدة مرتبطة بالحصرية المكانية المعطاة تعاقدياً.

 

7.      فكان اجدى بالمشرّع اللبناني ان يذكر صراحة ان المحاكم اللبنانية هي المختصة وحدها، دون الخوض في مسألة محكمة محل ممارسة الممثل التجاري نشاطه، حماية بالممثل اللبناني حامل الجنسية اللبنانية. فإذا ما اخذنا مثلاً الممثل التجاري اللبناني على شبكة الإنترنت، التي يحوز على حصرية بيع برامج معلوماتية معينة في منطقة الشرق الأوسط. فهل يكون نشاطه التجاري على الشبكة، الذي يتمثّل بالقبض والتسليم عبر الشبكة، واقعاً ضمن الجغرافيا اللبنانية لإعمال اختصاص المحاكم اللبنانية؟

 

8.      في الواقع، ان التاجر الإلكتروني الذي يحوز على تمثيل تجاري، يصعب تحديد مكان نشاطه التجاري على شبكة الإنترنت لتحديد بالتالي المحاكم المختصة. وكانت محكمة التمييز الفرنسية في مرحلة اولى عام 2003، قد اعتمدت اجتهاداً يعتبر صلاحيتها المكانية منعقدة بمجرد إمكانية ولوج الموقع الإلكتروني اعتباراً من فرنسا، لكنها ما لبثت ان غيّرت موقفها في اجتهاد بات مستقر منذ عام 2006، ويعتبر ان انعقاد اختصاص المحاكم الفرنسية المكاني يشترط توافر رابط كاف، جوهري وذي صلة بين الفعل او العمل والضرر المطالب به[2]. لكننا نعتبر ان محل ممارسة النشاط التجاري، يمكن ان يستفاد من عدة عناصر منها: مكان التسجيل في السجل التجاري، عنوان وجود وتمركز الممثّل التجاري، وفي حال غيابه، يكون الإختصاص لمحاكم بيروت كونها صاحبة الإختصاص العام، خاصة عندما يكون الممثّل التجاري لبنانياً، وان كان نشاطه التجاري يتمحور على الشبكة وعلى صعيد دولي. مع الإشارة الى ان لمحكمة محل ممارسة النشاط التجاري اختصاص الزامي.

 

 

ثالثاً: تحديّات شبكة الإنترنت: غياب التمثيل الحصري        

 

9.      وفقاً لتعريف المادة الأولى من المرسوم الإشتراعي رقم 34/67، الممثل التجاري هو الذي يقوم بالمفاوضة لإتمام عمليات بيع ... وتعتمد المفاوضات اليوم بشكل كبير، وفي كافة مراحلها على ادوات وتقنيات تكنولوجيا المعلومات، كإرسال العروض الإلكترونية او غيرها... اضافة الى خدمات التواصل التزامني (كالمراسلة الإلكترونية الآنية او المحاضرة السمعية او السمعية البصرية عن بعد) او اللاتزامني (كمنتديات المناقشة، البريد الإلكتروني، الرسائل الإيداعية) التي تقدمها الشبكة، خاصة في المفاوضات بين اشخاص متباعدين جغرافياً او موجودين في بلدان مختلفة، نظراً لما تحققه من وفر اقتصادي وسرعة في التعامل التي تتطلبها مقتضيات التجارة اليوم.

 

10.  في الواقع، تعتمد التجارة الإلكترونية بشكل كبير على انظمة المصادقة الإلكترونية وعلى اختام الثقة. ان ختم الثقة هو علامة تؤكد ان محتوى الموقع الإلكتروني، وعلى وجه خاص المنتجات والخدمات المعروضة، هي مطابقة لمعايير وشروط محددة مسبقاً. تسمى ايضاً التصديق (Labellisation). وهي تشكّل حجة تجارية اضافية بالنسبة للتاجر، بحيث يتم وضع ختم الثقة على صفحة موقع التاجر الإلكتروني المنتسب الى برنامج المصادقة، بحيث يمكن للمستهلك، بنقرة واحدة ان يلج الى المعلومات التي تبيّن بوضوح هوية وحقيقة التاجر الإلكتروني مع امكانية تقديم شكوى بحق التاجر المتخلف[3].

 

11. فكل تاجر الكتروني يحمل مصادقة معينة، يكون مقيداً بشروط مصادقة وانظمة مراقبة واعتماد مسبق، ويكون للمستهلك مصلحة بالتعامل معه، اذ يحصل بالمقابل على ضمانات الشخص الثالث المصادق في حال اخل التاجر بوعوده. كذلك الأمر بالنسبة لعاطي التمثيل، فهو يختار التجار المستوفيي الشروط على الشبكة، والذين يحوزون على مصادقة جهات المصادقة الإلكترونية (i.e.: E-Trust – Verisign) لإعطائهم تمثيل تجاري الكتروني وبمدة محددة. لكن هذا الأمر يحمل ايضاً بعض الإستثناءات اذ يخشى من خلق ما يسمى بالأسواق المغلقة التي بدأت ملامحها بالظهور، ليصبح بالتالي شرط المصادقة معياراً من بين عدة معايير.

 

12.  ان طبيعة شبكة الإنترنت التزامنية والتواجدية في اي مكان، تسمح لمواقع التجارة الإلكترونية ببيع الخدمات والمنتجات عن بعد، لتغيب بالتالي حصرية البيع بالنسبة للممثل التجاري، الذي يحصل على حق التمثيل الإلكتروني مجرداً من التفرد. في الواقع، ان حق الترويج للماركات على شبكة الإنترنت يأخذ شكلاً آخراً ويتميز بالأسعار التنافسية وبآليات التسليم. ويكون من مصلحة مالك الماركة توزيع تمثيلات تجارية الكترونية غير حصرية على اكبر عدد ممكن من التجار الإلكترونيين اولاً بهدف الوصول الى اعلى مستوى من البروز الإلكتروني على الشبكة لماركة الخدمة او السلعة المباعة، وثانياً بغية زيادة نسبة مبيعاته على الشبكة. لكن، ينبغي على المستهلك دوماً التنبه من مصدر الماركة المبتغاة المسوّقة من قبل موقع الممثّل التجاري، وبالتالي البحث عن علامة الثقة او التمثيل على الموقع، بغية تجنب شراء بضائع مقلّدة.

 

مصوّر متوافر عبر الشبكة[4]

 

13.  ويجد التمثيل التجاري على الشبكة المجرد من الحصرية سنداً له في المادة الثانية من المرسوم الإشتراعي رقم 34/67 التي تنص على انه يمكن ان يتضمن عقد التمثيل بنداً يحصر التمثيل بممثل وحيد... ويلاحظ صياغة القانون بطريقة الإمكان لا الجزم دوماً مما يسبب لبس وثغرات تؤدي الى تعدد الإحتمالات والإجتهادات القانونية.

 

14.  ولا بد من الإشارة الى ان الممثّل التجاري عبر الشبكة، يمكن ان يمارس تجارته عبر موقع الكتروني يكون مطابقاً لماركته او لإسمه التجاري او مطابقاً تماماً لماركة عاطي التمثيل او مع بعض الإضافات او التعديلات التي يمكن ان تشير الى بلد معين او نوع معين من البضائع او الخدمات او مكان منشأ التصنيع او غيرها من التحديدات. لكن، وفي الحالة الأخيرة، يجب ان يشتمل عقد التمثيل على بند يجيز هذا النوع من التعدي على الملكية المعلوماتية والصناعية لمالك حقوق الماركة التجارية العالمية.

 

15.  ونشير اخيراً الى مراكز خدمة الزبائن Call Centers التي بدأت وزارة الإتصالات في لبنان منذ مدة بتزويد تراخيص خاصة لها عبر ايلاء طالب الترخيص خط الداتا السريع E1 لتلقي واجراء الإتصالات، وهو عصر جديد في مجال عقود التمثيل التجاري حيث يتم تكليف شركات مراكز الإتصالات اللبنانية بتمثيل مختلف انواع الشركات من شركات تأمين ومجموعات اشخاص وشركات ادارة وغيرها، لتقوم بإسمها ولمصلحتها بتلقي او الإتصال بالأشخاص بغية تأدية او تقديم خدمات محددة او مختلفة يقدمها عاطي التمثيل يمكن ان تكون بيعية، معلوماتية، اعلامية، او غيرها... ولمراكز خدمة الزبائن اللبنانية افضلية كونها تجيد اللغات العربية والفرنسية والإنكليزية على السواء، فضلاً عن اسعارها التنافسية اذا ما قورنت بأسعار المراكز الغربية، وهي امور تساهم في استجذاب الزبائن والمستثمرين، وخاصة الأوروبيين منهم...


[1] - http://www.google.com/imgres?um=1&hl=en&domains=http://www.juriscom.net&biw=1024&bih=475&sout=0&tbm=isch&tbnid=tS5OMD5zPyD7TM:&imgrefurl=http://creative-developpement.com/le-commerce-electronique-en-plein-essort/&docid=Vn83qgBWPXdd9M&imgurl=http://creative-developpement.com/wp-content/uploads/2011/05/commerce-electronique-Creative-Developpement.jpg&w=450&h=358&ei=3ae3T6-2M_OW0QXUx_iICA&zoom=1.

[2] - Jurisprudence disponible à partir du site: http://www.juriscom.net/actu/visu.php?ID=1070.

[3]- راجع مؤلفنا قانون الإنترنت، التحكيم عبر شبكة الإنترنت، الجزء الثالث، المنشورات الحقوقية صادر، ص. 201، مقطع 467 وما يليه.

[4] - http://www.google.com/imgres?start=555&um=1&hl=en&domains=http://www.juriscom.net&biw=1024&bih=475&sout=0&tbm=isch&tbnid=ILSqGjRMbLnTWM:&imgrefurl=http://www.bouticorama.com/&docid=1D2rOEsZME0FUM&imgurl=http://www.bouticorama.com/images/habillage/vente-carte-bancaire.jpg&w=339&h=400&ei=Wqi3T7yfO8rQ0QX3xqj4BQ&zoom=1&iact=hc&vpx=426&vpy=101&dur=240&hovh=244&hovw=207&tx=168&ty=88&sig=117986005182461715085&page=38&tbnh=133&tbnw=113&ndsp=17&ved=1t:429,r:8,s:555,i:154.