24/7 HOTLINE +961 3 387955

E-tobacco

Dr Charbel Kareh / Arabic
sport

قانونية اعلانات وتجارة منتجات التبغ على شبكة الإنترنت

   
بقلم المحامي الدكتور
 شربل وجدي القارح
 

 

 

 

 

 

ان اعلانات التبغ على شبكة الإنترنت بشكل خاص وتجارة التبغ الإلكترونية بشكل عام، هي من الأمور الحساسة جداً نظراً لإعتقاد البعض ان العالم الإفتراضي هو عالم خارج عن القانون. لكن ولحسن الحظ ان المشرّع اللبناني لحظ نصاً تشريعياً صريحاً يحظّر الإعلان بأية وسيلة كانت بما فيها الوسيلة الإلكترونية، لكن العبرة تبقى في التطبيق... اما الصعوبة الأكبر فتكمن في عدم الإحاطة بمسألة التجارة الإلكترونية لمنتجات التبغ بكافة عناصرها واركانها، والتي لا تمت بصلة بمسألة الإعلام والإعلان الإلكترونيين الجدد على الشبكة، وكأن المشرّع اللبناني لا يقارب الشبكة العنكبوتية الا من منظار دعائي اعلاني بحت...

 

 

اولاً: الإطار التشريعي لمنع الإعلان الإلكتروني لمنتجات التبغ

 

جاء في قانون رقم 174/2011 المتعلق بالحد من التدخين وتنظيم صنع وتغليف ودعاية منتجات التبغ ضمن تعريف الدعاية والإعلانات، الإعلان بصورة مباشرة او غير مباشرة عن التبغ والترويج له عبر الاخبار او المعلومات التجارية او التسويقية الموجهة للجمهور التي تبث او تكتب او ترسم من اجل ترويج اي منتج، بواسطة اي وسيلة اعلانية مرئية او مسموعة او مقروءة او وسيلة الكترونية او اعلامية اخرى.

 

اما الأهم، فهو ما نصت عليه صراحة المادة الحادية عشر من القانون عينه حيث جاء فيها انه يحظر نشر او بث، مجاناً او لقاء عوض، بواسطة وسائل الإعلام المرئي او المسموع او المقروء او الإلكتروني او بأية وسيلة إعلانية اخرى اي دعاية او اعلان او برنامج او مقالة يمكن ان يعتبر بمثابة إعلان او دعاية لأي من منتجات التبغ. فبالرغم من تقدّم هذا القانون لجهة لحظه مسألة الإعلام الإلكتروني، لكنه وللأسف جاء حصرياً بمسألة الإعلام. ومن الضروري هنا الإشارة الى ان المشرّع اللبناني لم يميّز بين ماهية شبكة الإنترنت بمفهومها العام والإعلان الإلكتروني كوسيلة دعائية. فشبكة الإنترنت ليست تلفازاً او صحيفةً او اذاعةً. فبعد انتقالها من الويب 1.0 الجامدة الى الويب 2.0 التفاعلية وقريباً الى الويب 3.0 الذكية، تشكّل شبكة الإنترنت اليوم حالة تفاعلية متحركة اصبح مستعمليها مشغليها بشكل اساسي، ولم يعد بالتالي الناشر او صاحب الموقع المشغّل او المُفَعّل الأساسي للموقع الإلكتروني...

 

والملاحظ ان المشرّع اللبناني استعمل صيغة الإمكان، في عبارة « يمكن ان يعتبر اعلان او دعاية لمنتجات التبغ »، فيكون قد اخضع مسألة تقييم المحتوى الإلكتروني لقضاة الأساس، وخاصة مسألة ما اذا ما كان يشكّل محتوى موقعاً الكترونياً او شبكة تواصل اجتماعي اعلاناً لمنتجات التبغ او معلومة مجرّدة، وهي مسألة بغاية الصعوبة خاصة مع دخولنا عالم الويب 2.0 التفاعلي الذي يعوّل بشكل اساسي على المعلومات التي يقدمها مستعملو الشبكة.

 

لكن بالرغم من مأخذنا الآنف الذكر على القانون اللبناني لجهة عدم استدراكه لسرعة تطوّر مفهوم الشبكة، اننا نشيد به نظراً لتقدمه وتوازيه مع التشريعات الداخلية لأهم الدول في العالم كفرنسا مثلاً، حيث ينص قانون ايفن الصادر عام 1991 على منع دعاية وإعلانات منتجات التبغ بكافة اشكالها المباشرة او غير المباشرة. اما على مستوى الإتحاد الأوروبي، فالجدير ذكره هو الإرشاد الأوروبي رقم 33/2003 المتعلق بإعلانات منتجات التبغ الصادر بتاريخ 31 تموز 2005، اذ ينص على منع الإعلان عن منتجات التبغ عبر كافة خدمات مجتمع المعلومات[1]...

 

وقد اعتبرت محكمة التمييز الفرنسية، الغرفة الجزائية، في قرار لها عام 2006، ان مخالفة احكام مواد قانون الصحة العامة المتعلقة بمنع اية حملات او اعلانات التبغ بشكل مباشر او غير مباشر تشكل، مهما كان مرتكزها، مخالفة مستمرة طالما ان المواد المنازع بها بقيت موجودة على الموقع يمكن الولوج اليها من قبل الجمهور[2].

 

                     

 

مصوّر متوافر عبر الشبكة[3]

 

اما الإشكالية الأهم، فتبرز في صعوبة تحديد الخط الفاصل بين الإعلان الإلكتروني من جهة والبيع عبر الشبكة من جهة اخرى: ايشكّل موقعاً الكترونياً لبيع منتجات التبغ عبر الشبكة - حيث يتم التعاقد مع المستهلك عبر الشبكة بشكل تام، بدءاً من العرض فالطلب فالدفع بطرق الدفع الإلكترونية - اعلاناً الكترونياً غير مباحاً؟

 

 

ثانياً: تجارة منتجات التبغ الإلكترونية ومدى تآلفها مع قانون الحدّ من التدخين

 

ان البائع الإلكتروني الذي يقوم بعرض منتجاته المباح بيعها خارج الشبكة، انما يعرضها على موقعه الإلكتروني بهدف اعلام المستهلك عن توافرها لديه بهدف بيعها، على ان يصار الى الدفع بطرق الدفع الإلكترونية وتسليمها للمستهلك خارج الشبكة. فإذا قاربنا هذا العمل الذي يقوم به التاجر الإلكتروني من منظار قانون الحدّ من التدخين اللبناني، فهل يشكّل بداية اعلاناً الكترونياً يمكن اعتباره دعاية لمنتج تبغ؟ او ان مجرد عرض المنتج عبر موقع للتجارة الكترونية يخرجه من الإطار الضيق للإعلام الإلكتروني الذي وضعه به القانون اللبناني، خاصة لجهة الحظر بوسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء والإلكتروني. واذا ما اردنا تفسير القانون اللبناني تفسيراً ضيقاً، فيكون قصد المشّرع واقعاً فقط على منع الإعلام الإلكتروني بأنواعه المختلفة webTV و webradio و ejournal دون غيرها من المواقع التي لا تمارس نشاط الإعلام بشكل اساسي. وهل يمكن اعتبار الإعلام الإلكتروني فقط الإعلام المرخص او اي موقع الكتروني يتعاطى الإعلام عبر الشبكة واينما وجد في العالم؟؟؟

 

في الواقع، ان عرض منتجات التبغ عبر الموقع الإلكتروني بشكل يسمح للمستهلك رؤيتها على شاشة حاسوبه، انما تشبه تماماً المحل التجاري الذي يدخله المستهلك ويرى توافر منتج التبغ ويطلبه من البائع. فالمحظر اذاً هو الإعلان او وضع لافتات تهدف الى الدعاية. فالصفحة الرئيسية لموقع بيع منتجات التبغ على الشبكة، هي بمثابة واجهة المحل الأساسية التي يحظر وضع عليها اي اعلان تجاري لمنتجات التبغ او لماركاته ولعلاماته الفارقة. وهذا يشمل الواجهة كما داخل المحل. اما صفحات الموقع الأخرى المخصصة للبيع، يكون المستهلك قد دخل المحل التجاري، وعندها يمكنه رؤية البضاعة وشرائها. فوضع البضاعة او عرضها بحدّ ذاتها على الشاشة الإفتراضية من اجل بيعها غير مخالف للقانون، شرط ان لا يأتي هذا الإعلان دعائياً صريحاً محضاً لا يمكن المستهلك من ممارسة حقه بالشراء. انما ايراد دعاية مع شعار المنتج، كما يحصل احياناً في صفحات شبكات التواصل الإجتماعي، هو مخالف للقانون.

 

ومن اللافت، في فرنسا مثلاً، قيام بعض التجار بإنشاء مواقع الكترونية يصار الى تسجيلها، استضافتها وبثها من الخارج، ليقوموا بالتالي ببيع منتجات تبغ بأسعار اقل من كلفتها الفعلية، وهو امر يمكّنهم من كسر مونوبول الدولة وحصرية البيع المخصصة لمكاتب بيع التبغ المرخصين من قبل الدولة. كما يجنبهم الرقابة المفروضة من قبل المختبر الوطني للتجارب (لجهة نسبة النيكوتين، مونوكسيد الكاربون والمحتويات الأخرى...) والذي يمكن ان يمنع دخول منتجات معينة لا تحتوي على المواصفات المفروضة. لكن هذا الأمر يصطدم بواقع التسليم الذي يجب اما ان يمر عبر الجمارك الفرنسية وهو امر صعب، او ان يتم تسليم بضائع موجودة او مصنّعة في الداخل، وهنا تبرز اهمية الأجهزة الرقابية والأمنية والقضائية لقمع هكذا مخالفات. وتبقى الأهمية للأجهزة للقضاء على قنوات التهريب ومنع ادخال منتجات التبغ الغير قانونية الى الداخل. وهذا ما تقوم به الدولة الفرنسية، ففي عام 2008 مثلاً، صادرت الجمارك الفرنسية 21.52 طنّاً من السجائر المرسلة عبر طرود بريدية[4].

 

 

 

 

 

موقع الكتروني لبيع السجائر عبر الشبكة[5]

 

ثالثاً: تحديّات شبكة الإنترنت: حماية القصر والبيع بأسعار منخفضة    

 

ان الصعوبة الكبرى التي تولدها شبكة الإنترنت، تكمن في عدم امكانية التأكد من سن المستهلك الإلكتروني الذي يلج موقعاً لبيع السجائر عبر الشبكة. اذ يمكن للقاصر بنقرة واحدة ان يقوم بالتأكيد على انه راشد، وبالتالي بإتمام عملية شراء الكترونية. فالهوية الإفتراضية على الشبكة هي من المسائل المعضلة، والتي لا يوجد حل لها في الوقت الراهن الا عبر تطبيقات قانونية لائحقة في بعض الأنظمة العامة الحمائية للقصر المتغايرة بين بلد وآخر، والتي يمكن ان تمارس من قبل الأهل بشكل لاحق للعمل القانوني. اما التاجر الإلكتروني، فلا يمكن ان يلاحق طالما يستعمل نظام تأكد من السن القانوني وطالما لم يكن يعلم بسن المستهلك عند التعاقد عبر الشبكة، لكن مسؤوليته تكون حتماً منعقدة عند التسليم المادي للمنتج حيث يمكنه التأكد من سن المستهلك، وعندها يجب عليه ان يمتنع عن التسليم واعادة الثمن للقاصر.

 

 

 

 

موقع الكتروني لتجارة التبغ[6]

 

 

وبسبب المونوبول المفروض من قبل الدول على استيراد وبيع منتجات التبغ، قد يجد تجار التبع من شبكة الإنترنت ملاذاً لهم لبيع التبغ بعيداً عن رقابة السلطات المحلية الإدارية والمالية والصحية. فهل ان شبكة الإنترنت ستكون وسيلة لإرتكاب المخالفات وبنفس الوقت وسيلة لجني ارباحاً غير شرعية في مادة تجارة منتجات التبغ؟

 

في العالم الإفتراضي، يكون على المستهلكين واجب التنبه دوماً، والتأكد من قابلية مشترياتهم للتسليم الفعلي. اذ قد تقوم بعض المواقع الإلكترونية بعرض منتجات التبغ عبر الشبكة بأسعار منخفضة، دون ان يكون بإمكانهم ادخالها عبر القنوات الرسمية او الشرعية في بلد التسليم. عملياً، ان كافة منتجات التدخين المشتراة عبر الشبكة، والتي تتطلب التسليم في بلد غير بلد التاجر الإلكتروني، لا يمكن ان تدخل بلد المستهلك، اذ انها يجب ان تدخل عبر الموانئ والمرافئ الشرعية وغالباً ما تصادر بنسبة 100% من قبل الجمارك.

 

 

 

 

موقع الكتروني يعرض تنزيلات خاصة عبر الشبكة[7]

 

 

في فرنسا مثلاً، تقوم وزارة المالية بدراسة لإعتماد تعرفة واحدة لبيع منتجات التبغ عبر الشبكة، لكن الوزير الفرنسي اريك ويرث قد عبّر مؤخراً عن ان عملية بيع منتجات التبغ عن بعد، يصطدم بمسألة اصعب متعلقة بأحكام توزيع هذه المنتجات الخاضعة لسياسة الصحة العامة المطبقة من قبل الحكومة. فالصعوبة لا تكمن في التسعيرة او في آليات البيع الإلكترونية، بل في تطبيق الرقابة على المنتجات التبغية وعلى محتواياتها ومكوناتها وموادها السامة. وقد يجد بعض التجار من شبكة الإنترنت ملاذاً لهم لتسويق المواد الضارة بالصحة او الممنوعة بشكل غير مقبولاً على الإطلاق.

 

مصور متوافر عبر الشبكة[8]

 

تأسيساً على ما تقدّم، يكون بيع منتجات تبغية للأفراد للإستعمال الشخصي على شبكة الإنترنت قانونياً اذا توافرت الشروط التالية:

اولاً: ان لا يكون قد سبق البيع اعلاناً او وصلة نص فائق تحيله من موقع الإعلان الى موقع البيع الإلكتروني والا نكون قد مررنا لاشعورياً عبر الإعلان الإلكتروني الممنوع قانوناً؛ وهذا هو الخط الفاصل الرفيع الموجود بين الإعلان الممنوع والبيع الإلكتروني المباح،

ثانياً: ان يضع التاجر الإلكتروني انظمة تدقيق وتأكد ورقابة خاصة بالسن القانوني بالنسبة بالقصر،

ثالثاً: ان لا يقوم ببيع مواداً غير مسموحة او غير معترف بها او غير مصادقاً عليها من قبل مكاتب الصحة العالمية او المكاتب التابعة لبلد محل اقامة المستهلك،

رابعاً: ان يصار الى تسليم المنتجات التبغية عبر المكاتب المرخصة في الداخل وفق انظمة كل بلد والا يخشى من ان يكون التسليم مستحيلاً او غير قانونياً،

وخامساً: ان يتأكد المستهلك من هوية القائم بالتسليم ورقم ترخيص التاجر الإلكتروني (ويفضل الإشارة الى وصلة النص الفائق التي تحيله الى موقع الإدارة عاطية الترخيص) وعنوانه الصحيح ورقم هاتفه في الداخل لكي يضمن امكانية التسليم قبل الإقدام على الدفع الإلكتروني، خشية من ان يقع المستهلك ضحية احتيال او غش عبر الشبكة سيما في الحالات التي يتبين فيها ان التسليم مستحيلاً في بلد المستهلك، علماً ان اغلبية عمليات شراء المنتجات التبغية عبر الشبكة تقع على مبالغ نقدية صغيرة لتضمنها تخفيضات خاصة بالبيع الإلكتروني.

 

اما الحل النهائي بالنسبة للمدّخين، فيبقى في السيجارة الإلكترونية اكثر منه من تجارة التبغ الإلكتروني...


[1] - الإرشاد الأوروبي بنصه الكامل متوافر عبر الموقع الإلكتروني التالي: http://eur-lex.europa.eu/LexUriServ/LexUriServ.do?uri=CELEX:32003L0033:FR:NOT.

[2] -http://www.foruminternet.org/specialistes/veille-juridique/actualites/publicite-sur-le-tabac-l-infraction-se-poursuit-tant-que-le-message-reste-en-ligne.html.

[3] -http://www.oh-barcelona.com/fr/blog/2011/activites/vie-nocturne/loi-anti-tabac-espagne-5512.

[4] -http://www.quechoisir.org/telecom-multimedia/internet/actualite-cigarettes-en-ligne-des-bouffees-d-illegalite.

 

[5] - http://acheter.cigarettes-enligne.fr/cigarettes/Gitanes_cigarettes.html.

[6] - http://www.tabacmoinscher.com/.

[7] - http://france.achat-cigarettes.fr/.

[8] - http://www.google.com.lb/imgres?imgurl=http://www.dessinateur.biz/blog/wp-content/uploads/2009/10/379_cigarettes_internet.JPG&imgrefurl=http://www.dessinateur.biz/blog/tag/cigarette/&usg=__UZPPIcKaI4dZsgAPM2zbiT3jUb4=&h=600&w=600&sz=118&hl=ar&start=205&zoom=1&tbnid=PfcFGSAbV61OWM:&tbnh=135&tbnw=135&ei=kSYtUM6OBe6U0QXPnoG4DA&um=1&itbs=1.