24/7 HOTLINE +961 3 387955

Travel Insurance By Mutual Fund

Dr Charbel Kareh / Arabic
sport

هل يحق لصناديق التعاضد التعويض عن الاخطار التي تصيب اعضائها اثناء السفر؟

 

اعداد المحامي الدكتور شربل القارح

 

 

كثر الكلام مؤخراً في الوسط التأميني والتعاضدي على السواء عن احقية صناديق التعاضد التعويض عن الاخطار التي تصيب اعضائها او عائلاتهم اثناء سفرهم، لذلك سنجيب بإقتضاب على هذه الاشكالية القانونية بدءاً من المفهوم القانوني لصناديق التعاضد (1) وصولاً الى تحديد النصوص القانونية التي ترعى هذا النوع من النشاط (2).

 

1.    مفهوم صناديق التعاضد

 

ان صناديق التعاضد هي جمعيات اشخاص تبنى على الرغبة في التضامن والمساعدة المتبادلة ولا تتوخى الربح بل يكون موضوعها العمل لمصلحة اعضائها او عائلاتها وبواسطة اشتراكات يدفعونها، لأجل تحقيق بعض او كل الاغراض التالية:

1-        التعويض عن نتائج الاحداث والاخطار التي تصيب الاعضاء او عائلاتهم سواء في شخصهم او في ملكهم او في استثماراتهم.

2-  التعويض عن الوفاة والمرض والحوادث الجسدية التي تصيبهم او تصيب عائلاتهم.

3-  مساعدة الاعضاء في حالات الزواج والولادة ونهاية الخدمة.

4-  تشجيع التعليم والتخصص في كل فروعه وتقديم المساعدات والمنح والقروض لهذه الغاية وذلك للاعضاء وأولادهم فقط.

 

على مستوى الإتحاد الأوروبي، تعتبر صناديق التعاضد احدى مكوّنات الإقتصاد الإجتماعي الأربعة التي تتألف من صناديق التعاضد، التعاونيات، المؤسسات، والجمعيات. ان هذه المكوّنات الأربعة للإقتصاد الإجتماعي، على اشكالها وانواعها، من اشخاص طبيعيين او معنويين، تقوم على مبدأ التكافل التضامني بين اعضائها، وتهدف الى سدّ حاجات هؤلاء وتحقيق اهدافها قبل تحقيق اية ارباح او عائدات من المشروع. ان عبارة تعاضد تعني بشكل خاص، الطابع المتبادل للحقوق او الموجبات. فما يميّز الصندوق التعاضدي، على المستوى القانوني البحت، بأن منتسبيه، هم في نفس الوقت المستفيدين منه، واحياناً الموظفين فيه، "والشركاء" الذين يؤلفون الجمعيات العمومية هم مصدر السلطات في الصندوق. وهذا ما يميّز الصندوق التعاضدي بشكل جوهري، عن القطاع العام مثلاً، او عن الشركة التجارية او عن الجمعية الخيريّة او الإنسانية؛ فالصندوق التعاضدي يقدّم خدماته لأعضائه فقط ضمن حدود اشتراكاتهم.

 

اما المنظمة العالمية للصحة العامة، فتطلق على صناديق التعاضد في الإنكليزية تسمية (Community Health Insurance)، انطلاقاً من خمسة خصائص جوهرية:

- التضامن، حيث يكون عبء تحمل الأخطار شرطاً جوهرياً كما اشتراكات الإنتساب مستقلة عن المخاطر الصحية الفردية.

- الرابط الإجتماعي المحدد، حيث تكون المخططات منظمة من قبل ولمصلحة الأفراد الذي يتشاركون نفس الخصائص (الجغرافية، الوظيفية، الإثنية، الدينية، الجندرية، الخ...).

- المشاركة في صنع القرار والإدارة.

- الطابع اللاربحي.

- الحرية الفردية في الإنتساب.

 

على المستوى التشريعي اللبناني، ان القانون رقم 31/73 المتعلق بتحديد مهام وصلاحيات وملاكات وزارة الاسكان والتعاونيات (سابقاً) في مادته الخامسة عشرة قد ادخل في مهام المديرية العامة للتعاونيات صلاحية الاهتمام بالحركة التعاضدية ورعايتها. اما التشريع الخاص المنظّم لهذه الحركة فإنه قد صدر بالمرسوم الاشتراعي رقم 35 تاريخ 09/05/1977 والمرسوم التطبيقي رقم 515 تاريخ 05/10/1977. علماً ان التشريعات والانظمة المتعلقة بصناديق التعاضد قد استوحيت من احكام التشريعات الفرنسية.

 

في المقابل، ان شركة التأمين او شركة الضمان وفقاً للمادة الأولى من مرسوم تنظيم هيئات الضمان رقم 9812/68، هي تلك التي تزاول عمليات الضمان المحددة بخمسة فروع، ويتوجب على شركة التأمين ان تكون شركة مغفلة. ويكتسب التمييز بين الصندوق التعاضدي وشركة التأمين اهمية بالغة لناحية القانون الواجب التطبيق، فإن شركات التأمين خاضعة لأحكام مرسوم تنظيم هيئات الضمان رقم 9812/68 كما ان عقد الضمان لأحكام الباب الأول من الكتاب العاشر من قانون الموجبات والعقود، في حين يخضع الصندوق التعاضدي لأحكام المرسوم الإشتراعي رقم 35/77 وهو نص خاص، هذا مع الإشارة الى تضمنه مادة تلغي الباب الثالث من قانون تنظيم هيئات الضمان المنفذ بالمرسوم رقم 9812/1968، ما يفيد بالضرورة عدم خضوع صناديق التعاضد لقانون تنظيم هيئات الضمان كما وعدم خضوعه لأي ترخيص من وزارة الاقتصاد تبعاً لذلك. فكلا القانونان عبارة عن نصّان خاصان لا يجوز التوسع في تفسيرهما.

 

في النتيجة، اراد المشرع اللبناني وفقاً للوضعيات القانونية المذكورة اعلاه، ان يتعايش التوأمان « شركة الضمان والصندوق التعاضدي » بسلام كل تحت سقف قانوني محدد، بحيث يكون لكل منها احكامها وضوابطها القانونية الخاصة التي ترعى اعمالها ونشاطاتها. 

 

2.    في الغايات التي يحق للصندوق التعاضدي تحقيقها، وهل تتضمن التعويض عن مخاطر السفر؟

 

حددت المادة الأولى من المرسوم الاشتراعي رقم 35/77 الغايات او الاغراض التي يحق لصناديق التعاضد تحقيقها بالتالي:

1-  التعويض عن نتائج الاحداث والاخطار التي تصيب الاعضاء او عائلاتهم سواء في شخصهم او في ملكهم او في استثماراتهم.

2-  التعويض عن الوفاة والمرض والحوادث الجسدية التي تصيبهم او تصيب عائلاتهم.

3-  مساعدة الاعضاء في حالات الزواج والولادة ونهاية الخدمة.

4-  تشجيع التعليم والتخصص في كل فروعه وتقديم المساعدات والمنح والقروض لهذه الغاية وذلك للاعضاء وأولادهم فقط.

 

اما المادة الرابعة من المرسوم الاشتراعي رقم 35/77، فتنص على تمتع صناديق التعاضد بالشخصية المعنوية واحقيتها بقبول الهبات والمنح كما وامتلاك واستثمار الاموال المنقولة وغير المنقولة اللازمة لسير اعمالها أو لتحقيق الأغراض التي أنشئت من أجلها. ويجوز لها ايضاً ان تتعاقد مع شركات ضمان أو مع أية مؤسسات أخرى متخصصة لتنفيذ كل أو بعض غاياتها أو لتثمير اموالها. ما يؤكد روحية المشرع وارادته تعايش التوأمان وتعاونهما لا تنازعهما.

 

 بالنسبة لتغطية الصندوق التعاضدي مخاطر السفر التي تصيب منتسبيه، فهي عبارة عن تعويض يدفعه الصندوق لمنتسبيه عن الاخطار التي تصيبهم في شخصهم او في ملكهم كما التعويض عن حالات المرض الذي يصيب الاعضاء او عائلاتهم اثناء سفرهم. فإذا اخذنا التجربة الفرنسية مثلاً دون المقارنة على المستوى التشريعي، نرى ان غالبية تقديمات التغطية الصحية الاستشفائية على انواعها صادرة عن صناديق تعاضد، وخاصة منها مخاطر السفر.

 

في الواقع، ان اقدام الصندوق التعاضدي على تغطية منتسبيه اثناء سفرهم، لا يؤدي الى تجاوز الصندوق حدود نشاطه الجغرافي، اذ ان الصندوق لا يقوم وهذه الحالة بفتح فروع له خارج الاراضي اللبنانية، انما يقوم بالتعويض عن حالات المرض وغيرها التي تصيب الاعضاء اثناء سفرهم، دون ان يتجاوز نشاطه حدوداً جغرافية معينة وفقاً للفقرتين الأولى والثانية من المادة الأولى من المرسوم الاشتراعي رقم 35/77، كما ووفقاً للمادة الرابعة من المرسوم الاشتراعي عينه التي اجازت لصناديق التعاضد، التعويض سواء اكان مباشرة ام عبر التعاقد لتحقيق اهدافه واغراضه. فالتعويض عن الاخطار الواقعة على المنتسبين هو حق مكرس، اجازه المشرع صراحة.

 

ولكون هدف صناديق التعاضد الاساسي هو حماية الانسان على طول حياته، فإذا اردنا المقارنة على مستوى التقديمات المختلفة بين صناديق التعاضد اللبنانية وصناديق التعاضد الفرنسية، فنذكر بإيجاز ان صناديق التعاضد الفرنسية تميزت بإدخالها انواعاً جديدة من التقديمات نذكر منها على سبيل المثال:

- تحقيق حماية قانونية لعمليات المنتسب ومساندة شخصية؛

- تغطية مخاطر خسارة المداخيل نتيجة للبطالة؛

- تقديم كفالات للمنتسبين للتعهدات المأخوذة من قبلهم ضمن مشاريعهم المتعلقة بالتملك، بالبناء، بالسكن او بتحسين او ترميم مسكنهم او مسكن ذويهم؛

- تقديم برامج لحماية الطفولة، العائلة، الاشخاص المسنين، المعيلين وذوي الحاجات الخاصة؛

- خدمات اجتماعية من اجل تحقيق غايات صحية، اجتماعية وثقافية.

- تقديم نظام قانوني للتأمين الصحي وللامومة وضمان ادارة النشاطات والتقديمات الاجتماعية لمصلحة الجماعات العامة؛

- تقديم برامج اجتماعية متكاملة تشمل حماية قانونية وتغطية خسارة المداخيل، والكفالة التعاضدية...

 

في الخلاصة، ان التعييب على صناديق التعاضد امكانية التعويض عن المخاطر التي تصيب الاعضاء في شخصهم او التعويض عن حالات مرض الاعضاء اثناء سفرهم، لا يستقيم قانوناً في ظل نص الفقرتين الأولى والثانية من المادة الأولى كما والمادة الرابعة من المرسوم الاشتراعي رقم 35/77، التي اجازت صراحة لصناديق التعاضد التعويض عن هذا النوع من الاخطار الواقعة على شخصهم، دون ان يشكل تجاوزاً لحدود نشاطها الجغرافي الذي يبقى ممارساً ضمن الاراضي اللبنانية، كما ودون ان يشكل خرقاً لقانون تنظيم هيئات الضمان لكونه ممارساً تحت سقف تشريعي سليم، واذا كان لا بد من توصية في هذا الاطار، فهي تلك التي ارساها المشرع ضمنياً للتوأمان بالتعايش سوياً بسلام في نصّان قانونيان متمايزان، وبمحبة اذا كان لنا من تمنّي في هذا الاطار.